بيبي مشرف المنتديات الاسلامية
عدد الرسائل : 2232 العمر : 40 : تاريخ التسجيل : 05/01/2008
بطاقة شخصية اسمك: شاهر my sms:
| موضوع: تفسير قوله تعالى الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار الجمعة مايو 30, 2008 9:25 am | |
| تفسير قوله تعالى الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار
الآية رقم : (16) من سورة آل عمران ، والآية التي تليها : (الذين يقولون ربنا إننا ءامنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) . أريد منكم أعزكم الله تفسير الآيتين ، وتفسير الآية (15) التي بدايتها ( قل أؤنبئكم ) وربط المعنى العام ، وهل الصبر يليه في المنزلة الصدق ، ثم القنوت ، ثم الإنفاق في سبيل الله ، ثم الاستغفار ، أم ماذا ؟
الحمد لله أولاً : تفسير السياق .
هذه الآيات جاءت في سياق المقارنة بين شهوات الدنيا ونعيم الآخرة ، فبعد أن ذكر الله عز وجل متاع الدنيا وما زين للناس فيها من ملذات ، شرع في ذكر نعيم الآخرة ، وأنه هو النعيم الحقيقي ، والسعادة الأبدية ، وقد بدأ الله عز وجل هذا السياق بصيغة الاستفهام التشويقي ، فقال سبحانه وتعالى : ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ . الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) آل عمران/15-17 . فمتاع الآخرة خالٍ من كل أذى وكدر ، فإذا كان في الدنيا نساء وبنين ، ففي الآخرة أزواج مطهرة من كل ما ينفر من نساء الدنيا ، وفي هذا الوصف ارتفاع حقيقي على شهوات الأرض وملذاتها . وأعظم من ذلك كله ( رضوان من الله ) يعدل الحياة الدنيا والحياة الأخرى ، فهو أعظم نعيم يتنعم به أهل الجنة ، أن يحل عليهم رضوان الله وحبه ولطفه فلا يشقون بعده أبدا . ثم شرع سبحانه في بيان حقيقة العباد الذي يستحقون هذا النعيم الكبير ، وهو سبحانه بصير بهم جميعا ، فقال سبحانه : ( الذين يقولون ربنا إننا آمنا ، فاغفر لنا ذنوبنا ، وقنا عذاب النار) وقولهم هذا ليس مقصودا لذاته ، وإنما المقصود ذلك الإيمان والإقبال على الله تعالى ، الذي يحيل حياة المؤمنين إلى تعلق تام بالله عز وجل ، وذل وانكسار بين يديه سبحانه ، حتى تغدو مغفرة الذنوب ، والوقاية من النار أغلى أماني هؤلاء العباد المؤمنين . يقول ابن القيم رحمه الله : " أخبر سبحانه أن ذلك كله متاع الحياة الدنيا ، ثم شوَّق عباده الى متاع الآخرة ، وأعلمهم أنه خير من هذا المتاع وأبقى فقال : ( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) . ثم ذكر سبحانه من يستحق هذا المتاع ومن هم أهله الذين هم أولى به فقال : ( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ) ، فأخبر سبحانه أن ما أعد لأوليائه المتقين من متاع الآخرة خير من متاع الدنيا ، وهو نوعان : ثواب يتمتعون به ، وأكبر منه وهو رضوانه عليهم ، قال تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً ) ، فأخبر سبحانه عن حقيقة الدنيا بما جعله مشاهَدا لأولي البصائر ، وأنها لعب ولهو تلهو بها النفوس وتلعب بها الأبدان ، واللعب واللهو لا حقيقة لهما ، وأنهما مشغلة للنفس ، مضيعة للوقت ، يُقطع بها الجاهلون ، فيذهب ضائعا في غير شيء " انتهى . "عدة الصابرين" (ص/168) .
ثانيا : تفسير المفردات . ذكر سبحانه وتعالى أوصاف عباده المتقين الذين أعد لهم في الجنة من النعيم ما لا يقارن بنعيم الدنيا ، وذكر هذه الأوصاف ترغيبا في التحلي بها ، والمحافظة على مضامينها . يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله : " يصف تعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل ، فقال تعالى : ( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ) أي : بك ، وبكتابك ، وبرسولك . ( فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) أي : بإيماننا بك وبما شرعته لنا ، فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا بفضلك ورحمتك . ( وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ثم قال : ( الصَّابِرِين ) أي : في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات . ( وَالصَّادِقِينَ ) فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة . ( وَالقَانِتِينَ ) والقنوت : الطاعة والخضوع . ( والْمُنفِقِينَ ) أي : من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات ، وصلة الأرحام والقرابات ، وسد الخَلّات ، ومواساة ذوي الحاجات . ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ ) دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار ، وقد قيل : إن يعقوب عليه السلام لما قال لبنيه : ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ) يوسف/98 ، أنه أخرهم إلى وقت السحر ، وثبت في الصحيحين وغيرهما من المساند والسنن من غير وجه ، عن جماعة من الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزلُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كُلِّ لَيْلَةٍ إلَى سمَِاءِ الدُّنيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِر . فيقولُ : هَلْ مِنْ سَائل فأعْطِيَه ؟ هَلْ مِنْ دَاع فَأسْتجيبَ له ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِر فأغْفِرَ لَهُ ) الحديث " انتهى .
ثالثا : البلاغة والبيان .
ونبين هنا بعض الأمور البلاغية والبيانية في قوله سبحانه : ( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) ، على طريقة السؤال والجواب ، مسترشدين بكلام أهل العلم المفسرين . 1- لماذا ذكر الله تعالى هذه الأوصاف دون غيرها من أوصاف المؤمنين ؟ يبين بعض المفسرين أن هذه الأوصاف الخمسة هي التي تجمع وتشمل جميع مقامات العبودية والمعاملة مع الله تعالى . يقول الإمام البيضاوي رحمه الله : " ( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ) : حصرٌ لمقامات السالك على أحسن ترتيب . فإن معاملته مع الله تعالى : إما توسل ، وإما طلب . والتوسل : إما بالنفس : وهو منعها عن الرذائل وحبسها على الفضائل ، والصبر يشملهما . وإما بالبدن : وهو إما قولي : وهو الصدق . وإما فعلي : وهو القنوت الذي هو ملازمة الطاعة . وإما بالمال : وهو الإِنفاق في سبل الخير . وأما الطلب : فبالاستغفار ؛ لأن المغفرة أعظم المطالب ، بل الجامع لها . "تفسير البيضاوي" (2/16) ويقول العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله : " ذكر هنا أصول فضائل صفات المتدينين ، وهي : الصبر : الذي هو ملاك فعل الطاعات وترك المعاصي . والصدق : الذي هو ملاك الاستقامة وبث الثقة بين أفراد الأمة . والقنوت : وهو ملازمة العبادات في أوقاتها ، وإتقانها ، وهو عبادة نفسية جسدية . والإنفاق : وهو أصل إقامة أَوَد الأمة بكفاية حاجة المحتاجين ، وهو قربة مالية ، والمال شقيق النفس . وزاد الاستغفار بالأسحار : وهو الدعاء والصلاة المشتملة عليه في أواخر الليل ، والسحر سدس الليل الأخير ؛ لأن العبادة فيه أشد إخلاصا ، لما في ذلك الوقت من هدوء النفوس ، ولدلالته على اهتمام صاحبه بأمر آخرته ، فاختار له هؤلاء الصادقون آخر الليل لأنه وقت صفاء السرائر ، والتجرد عن الشواغل " انتهى . "التحرير والتنوير" (3/43) . 2- لماذا جاءت هذه الأوصاف بالترتيب المذكور ، هل لذلك سبب معين ، وهل يدل ذلك على تفاضل هذه المقامات ، أم أنها مقامات متساوية ؟ قد يبدو للمتأمل أن هذا الترتيب جاء بسبب تفاضل المقامات المذكورة : فالصبر يقتضي حبس النفس على الطاعات وترك المعاصي ، ولكن حبس النفس لا يؤجر عليه المرء إلا إذا كان صادقا مخلصا لله تعالى ، فبدأ بـ " الصابرين " ثم : " والصادقين " . ثم قد ينقطع العبد عن صبره وصدقه ، فيكسل عن العبادة ، ويتأخر عن الترقي في مراتبها ، فجاء وصف القنوت ، وهو الدوام على العبادة والاستقامة ، فقال سبحانه : " والقانتين " ، ثم سمى سبحانه وتعالى بعض الطاعات التي أوجبت لهم أوصاف التقوى والصبر والمرتبة العالية : فذكر عز وجل : ( المنفقين والمستغفرين بالأسحار ) . يقول الفخر الرازي رحمه الله : " اعلم أن لله تعالى على عباده أنواعاً من التكليف ، والصابر هو من يصبر على أداء جميع أنواعها . وكمال هذه المرتبة أنه إذا التزم طاعة أن يصدق نفسه في التزامه ، وذلك بأن يأتي بذلك للملتزم من غير خلل ألبتة ، ولما كانت هذه المرتبة متأخرة عن الأولى ، لا جرم ذكر سبحانه الصابرين أولاً ، ثم قال : ( الصادقين ) ثانياً . ثم إنه تعالى ندب إلى المواظبة على هذين النوعين من الطاعة ، فقال : ( والقانتين ) . فهذه الألفاظ الثلاثة للترغيب في المواظبة على جميع أنواع الطاعات . ثم بعد ذلك ذكر الطاعات المعينة ، وكان أعظم الطاعات قدراً أمران : أحدهما : الخدمة بالمال ، فذكر هنا بقوله : ( والمنفقين ) . والثاني : الخدمة بالنفس ، فذكره هنا بقوله : ( والمستغفرين بالأسحار ) . فإن قيل : فلم قدم ههنا ذكر المنفقين على ذكر المستغفرين ؟ قلنا : لأن هذه الآية في شرح عروج العبد من الأدنى إلى الأشرف ، فلا جرم وقع الختم بذكر المستغفرين بالأسحار " انتهى باختصار . "مفاتيح الغيب" (7/176-177) . هذا وقد ذكر المفسرون كلاما دقيقا في سر العطف بالواو بين هذه الأوصاف ، لا نحب أن نطيل به على القارئ الكريم ، فمن أحب الاستزادة منه فليرجع إلى التفاسير السابق ذكرها في هذا الجواب . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب | |
|
اميرة الحب عضو فضي
عدد الرسائل : 1044 الموقع : منتديات التميز فوور : تاريخ التسجيل : 20/01/2008
| موضوع: رد: تفسير قوله تعالى الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار الأحد يونيو 01, 2008 12:17 pm | |
| بارك الله فيك وجازاك الله خير | |
|
بيبي مشرف المنتديات الاسلامية
عدد الرسائل : 2232 العمر : 40 : تاريخ التسجيل : 05/01/2008
بطاقة شخصية اسمك: شاهر my sms:
| موضوع: رد: تفسير قوله تعالى الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار الأحد يونيو 01, 2008 7:58 pm | |
| - اميرة الحب كتب:
- بارك الله فيك
وجازاك الله خير سلمتي يأختي الكريمة جزاكي الله خير وبارك الله فيكي. | |
|