الدلفين

الدلفين من الثدييات البحرية التي تنتسب الى عائلة الحيتان ذات الاسنان، وتعيش كجماعات وتتميز بعدد مذهل من الصفات التي يتميز بها الانسان، كالتعاون والتضحية والحب، ولا يقتصر ذلك بين ابناء جنسه فحسب، بل يتعدى ذلك الى الانسان.
وتمتاز الدلافين بحاسة سمع مرهفة الى حد مذهل وتعمل ضمن مجال ترددي يصل حتى 200 كيلو هرتز، وتتصل الدلافين مع بعضها البعض باصدار ضجيج لصفير عالي النبرة، يسمع لمسافات تصل الى مئات الامتار ويمكنها ان تميز بين الصديق والعدو، وكذلك تمييز العوائق التي تتفادها بسباحة سريعة ورشيقة. ويكمن سر قدرة الدلفين على توليد الاشارات فوق الصوتية في جمجمته، حيث توجد قناة هواء عمودية تصل الحنجرة بفتحة التنفس وتقع في منتصف الرأس، كما تغلق عند الحاجة بغطاء جلدي مرن.. وغيرها الكثير الكثير من المميزات والصفات التي تساعد في تفوقه وسبب حب البشرية له وثقتهم فيه واعتباره اكثر الحيوانات لطفا ووداعة وحبا للسلام.
مدرب غوص الكابتن طارق الخياط يتطرق من خلال دراسته البحرية الى عالم الدلافين من خلال معايشته الشخصية والسباحة معها، فماذا يقول؟
كشفت دراسة جديدة عن ان السباحة مع الدلافين يمكنها ان تساعد في تخفيف حالات الاكتئاب سواء كانت منخفضة او متوسطة الحدة.
واختبر فريق من جامة ليستر تأثير جلسات السباحة المنتظمة مع الدلافين على 15 شخصا مصابين بالاكتئاب في دراسة اجريت في هندوراس.
وخلصت الدراسة الى ان الاعراض في هذه المجموعة اظهرت تحسنا في حالتهم اكثر من مجموعة اخرى مكونة من العدد ذاته مارست السباحة في المنطقة ذاتها دون التفاعل مع الدلافين.
ونشرت الدراسة في 'بريتيش ميديكال جورنال' وهي دورية طبية بريطانية، وكل المتطوعين للمشاركة في الدراسة توقفوا قبل بدئها باربعة اسابيع على الاقل عن تعاطي اي ادوية مضادة للاكتئاب او حضور جلسات علاج نفسي.
وقام نصف المتطوعين بالسباحة والغطس حول الدلافين لمدة ساعة يوميا على مدى اسبوعين، وقام النصف الآخر بالسباحة ايضا للمدة نفسها وفي المنطقة نفسها، ولكن دون وجود الدلافين حولهم، وبعد الاسبوعين ظهر تحسن على المجموعتين ولكن بشكل ملحوظ على المرضى الذين سبحوا مع الدلافين.
ويقول فريق البحث ان القيمة الاجمالية للسباحة مع الدلافين والمشاعر التي يثيرها التفاعل معها قد تكون لها خصائص علاجية.
ويتوقع البعض ان الموجات فوق الصوتية التي تصدرها لها تأثيرات ايجابية، ويقول الخياط: اكد فريق البحث في جامعة ليستر ان استخدام الحيوانات بهذه الطريقة قد يكون وسيلة فعالة في علاج الاكتئاب والامراض النفسية الاخرى.
ويقول الدكتور مايكل ريفيلي من فريق البحث 'الدلافين حيوانات عالية الذكاء وقادرة على التفاعل بشكل ايجابي'. واضاف ريفيلي 'بعض الاشخاص المصابين بالاكتئاب قد تكون لديهم مشكلات في التفاعل مع البشر، ولكنهم قد يستجيبون بشكل ايجابي اكثر لانواع اخرى من التفاعل، ويجب ان نتذكر اننا جزء من عالم طبيعي والتفاعل معه قد يؤثر فينا ايجابا.
واضاف: لقد اعتدنا على مقولة ان الدلفين يمكن ان يساعد الناس الذين يعانون من امراض نفسية، ولكن يبدو الآن، ان هناك ادلة علمية تدعم هذا الزعم، حيث يؤكد هوريس دوبس مؤسس احدى مجموعات البحث للكائنات البحرية في جامعة اكسفورد، ان التفاعل مع الدلافين له اثر علاجي يشبه الاستماع للموسيقى، ويقول ان 'الدلفين يمكنه نقل الامزجة التي لا نستطيع تعريفها علميا، ومن الاسباب التي تدفعني للاعتقاد بأن للناس العلاقة الخاصة مع الدلافين التي تعرف الناس الذين ينجذبون اليها وجدانيا، فان الجزء الاكثر تفاعلا من الانسان مع الدلفين هو لحاء الدماغ، اي الجزء الامامي منه المرتبط تحديدا بالابداع والموسيقى'.
ويضيف دوبس ان 'الدلافين تعتمد على حاستين هما الصوت والرؤية وهما الاكثر تعقيدا مما هما لدى الانسان، وتتمتع الدلافين بالقدرة على اخراج مقاطع فوق صوتية تجعلها شديدة الحساسية للعواطف الانسانية'.
وقد اكتشف الباحثون ان بعض الدلافين تنفصل عن قطعان الدلافين الاخرى كي تقوم بمهمة يصفها العلماء بانها اشبه بعمل السفير، وهي في الغالب تكون من الذكور فهي تعيش بمفردها في مناطق تختارها ويبدو انها تفضل صحبة البشر.
وتشير الدلائل الى ان هذه الدلافين هي التي تمتلك القدرة على شفاء الامراض العقلية. وهناك الكثير من الادلة العلمية التي تؤكد القدرة الاستشفائية للدلافين، فقد عانى بيل باول (65 عاما) من الاكتئاب المزمن لسنوات بعد اصابته بأزمة قلبية وهو في الثالثة والخمسين ويقول 'لقد عانيت حالة عصبية منعتني من مزاولة حياتي العادية لاكثر من 12 عاما وفشل الاطباء في وصف العلاج المناسب لي، ولكن حياتي تغيرت حين بدأت العلاج بالدلافين'.
واوردت الدكتورة النفسانية بتسي سميث ان السباحة مع الدلافين تحسن القدرات التعليمية للاطفال الذين يتأخرون في النطق وهناك الكثير من القصص حول نجاح علاج بعض هؤلاء الاطفال باستخدام الدلافين. وهناك العديد من المصحات في ايرلندا الجنوبية وغيرها التي تستخدم الدلافين لعلاج الكثير من الامراض النفسية، ويقول باول 'لقد شعرت بانني ولدت من جديد بعد ان مارست السباحة مع الدلافين، وربما يعتقد البعض ان هذه رواية مبالغ فيها ولكن هذا ما حدث لي بالفعل.
ويشير الخياط: من هذه المقالة بدأت رحلتي لتجربة العلاج مع الدلافين حيث توجهت بعد البحث وعمل خطة لاقرب مكان يوجد فيه دلافين فوجدت ان في مملكة البحرين يوجد بها عروض للدلافين فانطلقت الى المكان بعد التشجيع من الكابتن شرحبيل فكان الشعور غريب حينما وجدت مجموعة من الدلافين تستقبل كل من يحضر الى الحوض باصواتها وكأنها طيور مغردة وحين النزول الى الحوض بجانب الدلافين وحجمها الكبير وملمسها الناعم شعرت بالارتياح الكبير من الداخل، وعندما لمستها اول مرة شعرت بالثقة الكبيرة فبدأت ألاعبها واقبلها فكانت من اجمل لحظات حياتي ان يكون التفاهم كبير وبهذه السرعة، فسبحان الخالق وعندما امد يدي الى الامام يكون الدلفين ينتظرني بزعنفته الكبيرة ليساعدني على مسكها والسباحة، وحين اقف في الماء واناديه يأتي ويقبلني وكأنه يقرأ ما في داخلي، ومن الغريب انك عندما تكون خارج الماء تنادي الدلفين يخرج من الماء وانصح كل من استطاع السباحة مع الدلافين الا يتردد.

معالجة البشر بمساعدة الدلافين
البشرية ستنشغل مستقبلا بحل ألغاز كثيرة وتفسير الكثير من الاكتشافات العجيبة، منها معالجة البشر بمساعدة الدلافين، ولكن هذه الطريقة الفريدة تدرس فقط في حوضين يتيمين على الكرة الارضية: احدهما في الولايات المتحدة، والآخر في مدينة سيفاستوبول الروسية.
كان ايفان يجلس صامتا، ليس لانه لم يرغب في التكلم، وانما بسبب المرض، الذي حرمه من افراح الحياة عشر سنوات من الصمت وعشرات الاطباء ومئات الإجراءات الفسيولوجية، التي كان كل واحد منها يعطي الأمل بالشفاء، ولكنه كان في النهاية لا يتمخض عن نتيجة مفيدة.
بقي ايفان يجلس صامتا، ولكنه لم يحول نظره عن الدلفين فضي - رمادي اللون الذي كان يخترق زرقة البحر الهادئة، كان الدلفين يسرع من زاوية الى اخرى في الحوض، واحيانا كان يغوص فجأة، لذا كان إيفان عند ذاك يفقده لحظات عدة حتى يظهر ثانية بشكل مفاجئ بالقرب منه، وفي احدى المرات مد ايفان يده نحو الدلفين، وقفز الدلفين منصاعا الى رغبة ايفان ولمس يده وهنا حصلت الاعجوبة: الطفل نطق بكلمة، والاصح انه لم يقل كلمة وانما اطلق صوتا من فرحه ودهشته، كانت العواطف الجياشة لديه قوية لدرجة انه استطاع لأول مرة في حياته ان يطلق صوتا ما!
فالمعالجة بالدلافين طريقة فريدة تستخدم لاستعادة الوظائف الفسيولوجية، على الرغم من ان الطب لا يستطيع بعد تفسيرها، حيث انها لم تدرس بعد ولم تفسر طبيعتها حتى الآن وبدأت التجارب على طريقة المعالجة هذه منذ عشر سنوات عندما بلغ استخدام الدلافين للأهداف الحربية حده الاقصى، وبعدما كانت مراقبة هذه الحيوانات التي تعيش في ظروف الحظائر قد ادت الى اكتشاف مقدراتها غير الاعتيادية.
ففي حوض مدينة سيفاستوبول، لا يدرس العلماء حياة الدلافين فقط، وانما يعالجون الناس بمساعدتها لتخليصهم من امراض متنوعة، كالامراض النفسية - والتأتأة - والمنامات المزعجة، حتى شلل الاطفال ومرض 'الاوتيزم' وهو مرض جديد لا يعالج بالطرق التقليدية، ففي حوض الدلافين تتحطم التصورات عن عدم امكانية معالجة بعض الامراض المستعصية.
هل رأيت يوما كيف يبتسم الدلفين ويبين اسنانه التي يبلغ عددها 88؟ على الاغلب لا، ففي هذا الحوض تبتسم الدلافين بمحض رغبتها ولسرورها الناتج عن التعامل مع الانسان، فحب الدلافين للبشر موروث، فاذا لم يعجبه المريض لسبب ما، فان الدلفين ببساطة لن يتعامل معه وسيعرض عن معالجته!
بعض المتشائمين يقولون غالبا للاطباء المعالجين: 'انكم اطباء نفسانيون جيدون وانكم تعرفون متى يمكن مساعدة المرضى والدلافين ما هي الا مجرد تضليل'.. ولكن بعد ان طبقت المعالجة بالدلافين لمدة عشر سنوات، تم التأكد من ان الدلفين يمكنه ان يؤثر بشكل ايجابي على الساحة البيولوجية للانسان ويجبر منظومة مناعته على العمل - هكذا تحدثت رئيسة اعمال المعالجة بواسطة الدلافين، الدكتورة لودميلا لوكينا - ولكن الامر يختلف عندما تعجز عن شرح كيف يقوم الدلفين بذلك، واغلب الظن ان ذلك ما هو الا معالجة بالاهتزازات البيولوجية فوق الصوتية، فمن المعروف ان الاهتزازت فوق الصوتية تستخدم في الطب، ليس فقط لاهداف التشخيص فقط، وانما ايضا للمعالجة والطب يسعى لتحديد اي ترددات يصدرها الدلفين ومتى يمكن استخدامها.
بالطبع، ان الدلفين بحد ذاته لا يستطيع المعالجة، فيجب اختيار الحيوانات وتعليمها وتدريبها والمهم بالنسبة للاطباء هو التوصل الى التأثير النفسي الفسيولوجي على الانسان وهذا امر ليس سهلا، فالطفل قبل ان يقرر اطعام الدلفين ولمسه او اللعب معه يجب عليه اولا ان يتخلص من الخوف من الماء ومن الحيوان الكبير.

شكرا على مرورك

تسلمين روحي على الموضوع

ميرسي عالمووضوع