ولكن لا تحبون الناصحين
كلنا يحفظ الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن تميم بن أوس الداري: ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
ولكن لعل الواحد منا يقف عند حدود سرد الحديث أو ذكر معانيه وتفصيلاته والآداب المتعلقة بالنصيحة فقط.
ويندر أن تكون "النصيحة" سمة لنا كما أن يكثر الكلام سمة لنا.
إن الناظر في واقع الناس ليرى الخير بحمد الله تعالى ينتشر ويسري بقوة.
ولكن يقابل هذا الخير "شر" يجري ليدمِّر عقائد الناس وأخلاقهم وسائر شئونهم وتأتي النصيحة لتعالج هذا الطوفان القادم ولكن "أين أهلها" ؟!.
النصيحة كلمة هي الدين كله "الدين النصيحة" فأين القائمين بها؟!.
لقد غابت عند فئام وكرههها أقوام ولهم نصيب من قوله تعالى: ((وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ))[الأعراف:79] .
وهذه سمة أهل الكفر نعوذ بالله من ذلك، فكم من متشبه بهم وهو لا يدري، والله المستعان!.
لقد تعود الكثير منا "عدم النصيحة" فكانت النتيجة للآخر "عدم القبول" .
ولعل من موانع قبول النصح:
1- سوء أدب الناصح؛ وقد يخرج ذلك عبر صوت عال، أو لفظ لا يليق، أو في وقت غير ملائم.
2- إعلان النصيحة والنتيجة "فضيحة" المنصوح، والواجب "الإسرار" وهو من أسرار القبول.
3- والتكبر ولبس ثياب "الغطرسة" يمنع قبول النصح، بل إنه سبب في أذية الناصح باللفظ أو بالفعل واتهامه بعدم الأدب أو الإرهاب ولا غرابة، فالأيام تعيد نفسها والتاريخ حكى مثل ذلك.
4- المنصب الرفيع قد يمنع قبول النصح عند فئام من الرؤساء؛ لأنه نشأ في ظل منصبه على "التعظيم" وعدم الاعتراض، فكيف تطيعه نفسه على قبول النصح إلا من رحم الله.
5- اعتقاد نقص الناصح قدراً أو علماً، وهذا من جهل المنصوح؛ لأن الحق يقبل من كل من جاء به، فالحق "درة" حتى لو حملها من ليس يعرف قيمتها.
والحديث ذو شجون، ويفتقر إلى نوع جرأة ولكن لا يقوى على النصح إلا القلة، فنحن في زمن "الغثاء" ولكن سيبقى ما ينفع الناس.